السلام العربي الإسرائيلي- طريق مسدود أم عودة إلى الصراع؟

المؤلف: حمود أبو طالب10.11.2025
السلام العربي الإسرائيلي- طريق مسدود أم عودة إلى الصراع؟

لقد بات جلياً أن مسيرة السلام مع إسرائيل تسلك طريقاً وعراً ومسدوداً، وأن المعادلة قد تنقلب رأساً على عقب، فبدلاً من التطلع إلى سلام يقوم على أساس حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية، قد نعود أدراجنا إلى نقطة البداية، أي إلى الصراع العربي الإسرائيلي المستمر، وربما نشهد انهياراً مدوياً لمعاهدات السلام التي أبرمت مع إسرائيل، وذلك نتيجة لسياساتها المتعنتة التي تنتهجها حكومتها الحالية، والتي تعتبر الأكثر تطرفاً وشراسة على مر التاريخ، وتجاهل المجتمع الدولي المريب للجرائم الوحشية الممنهجة التي تقترفها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، والتي بلغت أوجها في الأحداث المأساوية التي يشهدها قطاع غزة المحاصر منذ ما يقارب العام والنصف، مع دعم أمريكي سافر ووقح، عسكري وسياسي، للمذابح الهمجية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الأبرياء.

في الآونة الأخيرة، تعرض أمل السلام في المنطقة لضربة قاصمة جراء تصريحات ومواقف غير مسؤولة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تعكس مدى الاستخفاف بقضية محورية تشكل جوهر الاضطرابات المتفاقمة في المنطقة والسبب الرئيسي للتوترات المستمرة. فقد فاجأنا الرئيس ترمب بطرح فكرة بغيضة تقضي باستيلاء أمريكا على قطاع غزة بذريعة إعادة إعمارها، وتهجير سكانها قسراً إلى دول أخرى، وتسليم السيادة الكاملة على الضفة الغربية لإسرائيل، أما الموقف الآخر الذي أطلقه نتنياهو، والذي زعم فيه أن المملكة العربية السعودية تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي يمكن للفلسطينيين الإقامة فيها، فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً. وبالنسبة لفكرة ترمب المشينة، فقد لاقت استنكاراً واسعاً النطاق وإدانة شديدة من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية المحترمة، أما الهذيان الذي تفوه به نتنياهو فهو دليل قاطع وبرهان ساطع على أن إسرائيل ليست مجرد دولة احتلال غاشم، بل يديرها حشد من المتطرفين والبلطجية الذين لا يعيرون السلام أدنى اهتمام، ولا يمكن للفلسطينيين أن يحلموا بإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم التاريخية في ظل وجود هذه الزمرة المتطرفة التي تتحكم بمصيرهم.

إن المجتمع الدولي الذي يتغنى بالعيش في عالم حر يدافع عن الحقوق ويناهض التطرف والإرهاب ويرفض التطهير العرقي بكل أشكاله، يقف صامتاً عاجزاً متفرجاً أمام الممارسات الإجرامية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، وبذلك يثبت بأوضح صورة ممكنة أشد مستويات النفاق وازدواجية المعايير المخزية، وبالنسبة لأمريكا، يبدو أن الحقبة الترمبية البائسة ستشجع إسرائيل على ارتكاب جرائم لم تكن تجرؤ حتى على مجرد التفكير فيها، ولكن هذا التشجيع المتهور لن يفيد إسرائيل على الإطلاق، بل سيدفع بالمنطقة بأسرها إلى منعطفات خطيرة ومآلات وخيمة. وأما بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تراهن عليها أمريكا كأقوى ورقة ضغط لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، كخطوة نحو تحقيق السلام المزعوم في المنطقة، فإن ذلك يبدو الآن ضرباً من الخيال وبعيد المنال، وذلك في ظل الممارسات التعسفية التي تقوم بها إسرائيل والنوايا الخبيثة التي تفضحها تصريحات حكومتها المتطرفة، والدعم الأمريكي السخي واللامحدود لها. لذا، يجب على أمريكا وإسرائيل أن تعيدا قراءة البيانين السعوديين الصادرين مؤخراً بتمعن وتدبر؛ كي تفهما حقيقة مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة